قالت : الحقُ أقول..
الحياةُ أصبحت كالمحيط ..يصعب التنبأ ُ
بخطواته التاليه..!!
قلت : إنها الأمزجة ُ عزيزتي ..
يقال دائما ً :
( تأتي الرياح ُ بما لا تشتهي السفن ُ)
أوليس كذلك ؟ الأمر ُ واضحٌ
(الريح عدو الأشرعه )
فليس كل (بحار ) قرصان..
والمحيط صديقُ الريح الوفي ,,
بمعنى
أن هناك تلاقي في الأمزجة بينهما
ولكن برغم ذلك
لا نقول :
(يأتي المحيط بما لا تشتهي السفن ُ)
مجرد أمزجه عزيزتي..
قالت : لما تحب أن تـُفلسف الأمور
دائما ً ؟!
قلت : أ ُفــلسف ُ الأمور ؟!!
قالت : نعم..
قلت : وليكن ..أوليست الحياة في
حد ذاتها فلسفة ٌ إلـــــهيه ؟!!
قالت : دعك من هذا ..
ولتقل لي كيف هي حالك في هذه الغرفة الجديده ؟
قلت : لا بأس بها , ولكنني كنت ُ أفضلُ
القديمة ..
قالت : ألا يعرف ُ جسدك أن يرتاح ؟!!
قلت : بل هو عقلي الذي لا يهدأ ُ
من الصراخ..
أنظري
ما الذي يمكن أن أفعله ُ في غرقة
مركونة ًبإحدى الممرات , جدرانها أشبُه
بالقطبان , بابها يقف عليه احد الغيلان
كل شيئ ممنوع ٌ هنا , كل شيئ بقدر
وحساب , حتى الأنفاس تــُأخذ بصعوبة
وعذاب ..
الشارع ُ هو الهبة ُ التي إن فرط المرء ُ
فيها أصبح مجرد مسمار دُق في جدار
بإخلاص يصعب التملص ُ منه ..
قالت : ولكنك بحاجة الى الراحة..
قلت : بل إن العالم هو من يحتاج إليها
قالت : وما دخل العالم ؟!!!
قلت : ما دخل العالم ؟!!! سأبسط الأمر
عليك , فأنت مجهدة ٌ قليلا ً..
عزيزتي..
العالم سياسة ٌ ماكره , شعارات ,
وصرخات , ثم إنقلاب ٌ أو ثوره ,
فـ سلطه وتسلط , وبعدها
يمرُ عامان ليس إلا ..
ليبدأ الإقتصادُ في الإنهيار
والدخلُ في الإنهيار , والجيشُ في
الإنهيار , والبيوت ُ في الإنهيار ,
والشعب ُ في الإنهيار , والعقلُ في
الإنهيار .. كل شيئ ينهار ..
حتى الإخلاقُ تنهار..!!!
ثم يأتي المنقذ..
سياسة ٌ ماكرة ٌ أخرى , ذات شعارات
أخرى , وتمدُ يد العون (بكفيّ مـُرابي)
(تعطي ولا تأخذ) ليتقلص كل شيئ
حتى البلاد , لتصبح كلها عبارة ً عن
مدينه..يزيد النهب ُ فيها , ويكثر القتل
فيها , والسفك ُ يصبح شعارا ً وقضيه
(ويد ُ العون ) مازالت ممدوده , ثابتة ً
قويه..ولكن هذه المره من داخل المدينة
الى خارجها , تخرج ُ سفينه
( تأخذ منها ولا تعطينا )
المدينة ُ أصبحت الان جريمه..
التهريب ُ فيها أمر ٌ طبيعي ,
تهريب ٌ في كل شيئ وأي شيئ
ولأي ُ شيئ..
(عبد الله إبن أخي )تعرفينه
هربوه !!!!! من ماذا ؟ لست ُ أدري !!
من أين والى أين ؟ لست ُ أدري !!
الشعب ُ كله يهرب , والمدينة ُ تهرب ,
والسياسة ُ تهرب , والدمع ُ يهرب ,
والعقلُ يهرب ..
ماذا يبقى الان فيكي سوى جدران
بحجم هذه الغرفة , العالمُ هو من يحتاج
الى الراحة عزيزتي..
أنا يكفني بأنني قد أرحـتُ ضميري
ولكن تلك المدينةُ القابعةُ في السواد
من يــُريــُحها ؟!
القانون ُ نائم , والحاكم ُ نائم ,
والإحساسُ نائم , والعدالة تلعبُ مع
الأطفال لعبة (الغميضه)
معصوبةُ العينين , معصوبُة اليدين ,
معصوبةُ الإرادة ..
الحرب الان أصبحت وشيكه ,
من سيأخذ النصيب ُ الأكبر من هذه
الوليمه ؟
(الرأسُ لي والأطراف , وأنت تأخذ الصدر
والعنق والأرداف , دعوا الذيل للمسكين
ولتأخذ أنت
باقي الظهر والبطن السمين)
يا ويلي على هـــؤلاء..
وهم يتقاسمون الأشياء ,
أيوزعون الإرث في حضرة صاحبه !!!؟
عجبي ..!!
الإنسانُ أرخص ُ عملة ٌ صادفتني ,
وجبةُ عشاء بفندق الأغنياء تعادل ُ :
(خمسُ وسبعونُ ألف (هشام) ,
وخمسمــــائة (فاروق) , وأربع ُ نساء
(لا أعرف أسماءهن ) , وطفلان وجنين)
صــــــبر ٌ جميـــل..
مدينةٌ كهذه تستحق أن أستعد فيها
للصيام هذا العام ..
ففي الصيامُ بركه , ونحن صيامٌ منذ أن
كــنا في بطون أمهاتنا منذ سنين..
(فلنذهب جميعا ً للصلاة)
هيا هلموا..
خرجنا كلنا , الخمس وسبعونُ ألف
(هشاما ً)والخمــسمائة (فاروق) ,
والأربع نســوه ..
وتركنا الطفلان يلعبان ,
وبعنـــا( الأم بجنينها) كــي نشتري
الزاد والماء..
الرحلةُ طويلةٌ للصلاة , والطريقُ كلهُ
مغريات ..
أول (الهشامين) كانا أقوياء ,
سبقانا الى المسجد وأقاما الصلاة ,
(منتصفُ الطريق إكتشفنا أن نصفنا
أغبياء )..
وعندما وصلنا المسجد ,
دخلت ُ أنا (وهشام ٌ واحد) ..
ما القصةُ أيها الحشدُ المهرولُ
للصلاة ؟!!
إكتشفنا أن كلنا أغبياء..
ماذا دهى هــؤلاء ؟!!!
(الصليبُ يتمرجحُ على صدورهم
وينسون بأن نبيهم قد رفعهُ اللهُ الى
السماء ) !!!
الأديانُ في هذه المدينةُ صارت
كلها سواء ..
(كلٌ يغنــي على ليلاه )
(وليلى) صارت إمرأة ٌ واحده
إسمها (حواء)
عجبـــي على الحكماء ..!!!
أتساءل..
(هل يبردون مثلنا في الشتاء؟!)
وماذا عن الصيف ؟
(هل ينومون مثلنا في العراء ؟!)
سمعت ُ بأن لديهم فصول ٌ أخرى لم
تمر على مدينتي..
(اااه اه.. لكم تمنيت ُ أن أرى ذاك
المدعو (الربيع)
صحـــوٌ هو أم صقيع ؟!!!!!!!!!!!
(الرقابةُ هنا وسعت كل شيئ وحذفت
كل شيئ) , في عالمـــي
(أي شخص رقيب ُ نفسه)
(والنفسُ أمارة ً بالسوء )
لذا الرقابةُ يجبُ أن تـُفرض على
كل شيئ ..
رقابة ٌ في المال , رقابةٌ في العمل ,
واخرى في البيوت , رقابةٌ في الكلمة
والهمسه , (والعطسه) , رقابة ٌ في
الملابس , رقابة ٌ في المساجد
والكنائس , رقابة ٌ في الأولاد , والإحفاد
والأنفاس , والأحلام , رقابةُ في الطرقات
في الصمت الطويل والضحكات ,
والإذاعةُ لها رقابه , والزراعةُ لها رقابه
والكهرباءُ والماءُ , والصحةُ والدواءُ
( العالمُ كلهُ مراقبٌ برقابه , والفساد
كلهُ الرقابه )
وهذه الشمسُ ...
تــُعطي دونما حــُسبان ,
(يجب وضع حد ٌ لهذا الإهمالُ الان )
حكمة المحكمةُ على الشمس
المـُهمله بأن (تغطي وجهها وكفيها )
فصوتها حرامٌ , وشكلها حرامٌ ,
ووجودها في الأصل حـــرام ..
وذاك القمر ُ هناك .....
صار عدوا ً شرسا ً للعشاق ,
ففي ليلة ما طلبهُ القاضي ليشهد
في قضية (زنــــا)
(فعباس) قـَبَـلَ السيدة (مـُنى)
القمر ُ (شاهد ُ ملك) , ومن حضر
القسمة فليقتسم ( الحاضر شاهد ملك
والغائب شاهد ملك , والراحل شاهد
ملك...) , وهناك أربع رجال دائمين
(شهود ملك) , حلفوا (اليمين) ,
كذلك عباس حلف (اليمين) ,
ورفع (اليمين) , وأقسم (باليمين)
وقرأ الفاتحة (...ولا الضالين امـــين)
ثـــم.. ضــُرب (باليمين) ,
وجـُلد (باليمين) ..
(المرأة ُ هي أ ُمـــي) يصيح ُ ويتأوه
والسيدة ترفع ُ صوتها بدورها
(اتركوا إبني )
ولكن عباس قد ضُرب (باليمين)
وسالت الدماء ُ منهُ يسارا ً (ويمين)
عجـــــبي...
العالم عزيزتي سيرتاح إن أغمض عينهُ
قليلا ً ونــام
(فأنا أ ُحس ُ بأنهُ مجردُ إجهاد بسيط)
فمدينتي أراها في عينيك
قادرة ٌ على النهوض من جديد ..
فبرغم كل شيئ أعشقها
عندما أنظر إليها في عينيك ..
قالت : أنت مجنون ؟!!!
قلت : مجنون ؟!!! ولكن أحبك !!
(وأغمض عينه بعد أن إحتضن الصورة التي بين يديه
ونــام طويلا ً..
حتــى حــل المساء
(لست ُ أدري في أي عام هذا )
ولكن غرفته القابعة في إحدى ممرات مستشفى
العاصمة (لا زوار فيها) , بمجرد دخولك تصبح ُ منفيًا
وللأبد..
فالجنون وباء
والكل مجنون ٌ في زمان
لا دواء فيه سوى البكاء
ً